آلاف الدولارات يحملها الحمام الزاجل
عاد الحمام الزاجل في العراق لسابق عهده كناقل للرسائل، ولكنه هذه المرة ينقل الأموال من بعض الأسر لافتداء ذويهم المخطوفين.
فمع انتشار عمليات الخطف استخدم الخاطفون الحمام الزاجل كوسيلة لتحصيل أموال الفدية من ذوي المختطفين في محاولة منهم لتجنب إلقاء القبض عليهم، بحسب ما ذكرته صحيفة "صنداي تليجراف" البريطانية في عددها الصادر اليوم الأحد 5-8-2007.
وتنقل الصحيفة عن مسئولين بالشرطة أنهم سجلوا حالات متكررة أبلغهم فيها ذوو المخطوفين أنهم تلقوا طلبات بدفع أموال لخاطفين تركوا أمام أبواب منازلهم عددًا من الحمامات الزاجلة مصحوبة بتعليمات لتلك الأسر بإرفاق أموال الفدية بأقدام الحمامات، ومن ثم إطلاقها لتصل إلى أيدي الخاطفين لإطلاق سراح ذويهم.
طالع:
العراق.. احذر سقوط جوالك بأيدي "الضباع البشرية"
وعلى الرغم من إمكانية تتبع مسير الحمام الزاجل بعد إطلاقه ومعرفة موقع الخاطفين، فإن الأمر يحتاج لوسائل تكنولوجية حديثة تفتقدها الشرطة العراقية، كما أن الأهالي لا يثقون في الشرطة، ويخشون مقتل ذويهم.
ويقول سعد الجلاوي الذي يعمل في وزارة الداخلية: إن الحمام تم استخدامه في العديد من طلبات الفدية.
وبيّن أن "الخاطفين لجئوا إلى تلك الوسيلة بعد أن تمكنت الشرطة من القبض على العديد منهم في أثناء تسلمهم للأموال، هم يعلمون أننا نفتقد الوسائل التكنولوجية الحديثة التي تمكننا من تتبع وجهة الحمام الزاجل الذي ينقل إليهم الأموال".
المائة دولار
ويروي زياد الفاتلاوي (طبيب) قصة اختطاف ابنه فراس (12 عاما) منذ نحو ثلاثة أسابيع في طريق عودته من المدرسة لمنزل الأسرة الكائن في حي الحارثية الراقي غربي العاصمة بغداد.
وتلقى الفاتلاوي مكالمة هاتفية تفيد بأن نجله في مأمن، وعليه انتظار التعليمات، و"ذات يوم سمعت طرق على الباب، ففتحته لأجد قفص بداخله 5 حمامات زاجلة وورقة بها تعليمات تأمرني بربط 10 ورقات من فئة المائة دولار في كل قدم من أقدام تلك الحمامات، ومن ثم إطلاقهم من محبسهم في الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي، وإلا فأنني سأجد جثة ابني في مشرحة المدينة".
وأضاف أنه "نظرا لعدم ثقتي في الشرطة تجاوبت مع مطالب الخاطفين". أما نجله فراس فيقول: "توسلت إليهم من أجل إطلاق سراحي، إلا أن أحدهم لطمني على وجهي قائلاً أغلق فمك".
وفي اليوم التالي -يضيف الابن- "جاء لي أحدهم وقال: أنت محظوظ. الحمامات وصلت للتو ثم وضعني بداخل شاحنة وأطلقوا سراحي بعد نصف ساعة".
2.5 أوقية
وتنتشر في العراق هواية تربية الحمام الزاجل، ويفيد مربوها بأن الأنواع القوية منها تستطيع حمل أوزان تصل إلى 2.5 أوقية (نحو 312 جراما).
ويقول أبو علي -بائع في سوق للحمام الزاجل-: هذه النوعية من الحمام تتميز بقوتها وقدرتها على التعرف على منازل أصحابها بدقة متناهية.
ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في مارس 2003، تسجل البلاد ظواهر عدة لها ارتباط بما تشهده المدن العراقية من أعمال عنف وخطف وقتل بشكل يومي.
من هذه الظواهر ما يطلق عليه العراقيون مجاميع "العتاكة" أو الصبية الذين يجمعون الخردة من الشوارع، ويسارعون إلى أماكن انفجار السيارات المفخخة ليجمعوا ما تقع عليه أيديهم من أجزاء السيارات المدمرة من إطارات وأجزاء من المحرك وأبواب، ويقولون إنها مصدر رزق لهم يبيعون ما ينفع منه ولو بدنانير قليلة.
كما ظهر ما يعرف باسم "عصابات الجثث" أو "الضباع البشرية" التي تستغل جثث ضحايا العنف في تحقيق مكاسب مالية، حيث تجرد الضحايا من مقتنياتهم الثمينة كساعات اليد والخواتم والنقود.
وما يثير الرهبة بدرجة أكبر في نفوس العراقيين من هذه العصابات هو أنها ما تلبث أن تسرق هواتف ضحايا العنف وتستخدمها في الاتصال بذويهم وادعاء أن قريبهم أو جثته بحوزتهم، والمطالبة بفدية مقابل إطلاق سراحه أو تسليم الجثة.
وفي ظاهرة أخرى، يدق العراقيون الوشم في مناطق غير ظاهرة من أجسادهم كي يتم التعرف عليهم في حال تشوه جثثهم إذا وقعوا ضحية تفجير أو تعرضوا للاختطاف من قبل "فرق الموت" التي تقوم بأعمال قتل لأسباب طائفية وعرقية، ويسعى العراقيون بذلك إلى تفادي تدوينهم في أرشيف الطب العدلي كجثث مجهولة الهوية.